مصائب الجهل - محمد زكريا جنديه (بتصرف)
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
- الامام الربانيالاعضاء النشطاء
- عدد المساهمات : 129
تاريخ التسجيل : 06/05/2016
إذا نظرنا إلى الجهل بمعناه اللغوي، فهو اعتقاد الشيء على خلاف حقيقته، أي أن الجهل مرتبط بالمعرفة، وليس بالتعلم الرسمي والمرور بالمراحل التعليمية، أو الحصول على شهادات دراسية، فكم من متعلم جاهل، وكم من بالغ من العلم درجات لم يبلغ خارج تخصصه ودراسته خطوات ويوحي مظهره أنه من عمالقة الأدباء أو الفقهاء.
وعندما يتحدث تجد نفسك في موضع الإمام أبي حنيفه النعمان، عندما كان يجلس مع تلامذته في المسجد، وكان يمد رجليه بسبب آلام قد أصابته، وبينما هو يعطي الدرس مادّاً قدميه إلى الأمام جاء رجل عليه أمارات الوقار والحشمة، فما كان من أبي حنيفة إلا أن طوى رجليه وتربع، فقال الرجل لأبي حنيفة، من دون سابق استئذان: يا أبا حنيفة، إني سائلك فأجبني، فشعر أبو حنيفة أنه أمام مسؤول رباني ذي علم واسع واطلاع عظيم، فقال له: تفضل واسأل، فقال: أجبني إن كنت عالماً يُتَّكل عليه في الفتوى، متى يفطر الصائم؟ ظن أبو حنيفة أن السؤال فيه مكيدة معينة أو نكتة عميقة لا يدركها علم أبي حنيفة. فأجابه على حذر: يفطر إذا غربت الشمس، فقال الرجل بعد إجابة أبي حنيفة، ووجهه ينطق بالجدِّ والحزم والعجلة: وإذا لم تغرب شمس ذلك اليوم، يا أبا حنيفة، فمتى يُفطر الصائم؟ أجاب الإمام بقولته الشهيرة: آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه.
وترى نفسك في موضع الإمام أكثر، عندما ترى ما يبدو على الشاشات، وفي المقاهي والشوارع والطرقات من مجتمع يتحدث فيه الكثير في السياسة كأنهم خبراء ومحللين واستراتجيين، وتفتح الشاشات لترى مسمى جديداً لضيوف البرامج منه: نشطاء وثوريين وغيره من فقهاء ومفسرين، وهم، في الحقيقة، ومن حديثهم لم تتعدّ قراءتهم فهارس بعض الكتب، وتبكي كمدا عندما تقف أمام طبيب يجهل القيم والمبادئ، أو أمام مهندس يغش في مهنته ويجهل الحلال والحرام، أو معلم يصيح هاتفه بغناء تافه، وترى محاسب يلعب بالأرقام ليسرق من ائتمنه، وأن تقف أمام محامي يدافع عن الظالم والجاني وهو يعلم، فإنك حينها أمام مجتمع اختلت فيه المعاني، وأصبح بعضهم من المتعلمين فيه أجهل الجهلاء.
المصدر : http://www.alaraby.co.uk/opinion/2016/4/14/%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D9%84-1
وعندما يتحدث تجد نفسك في موضع الإمام أبي حنيفه النعمان، عندما كان يجلس مع تلامذته في المسجد، وكان يمد رجليه بسبب آلام قد أصابته، وبينما هو يعطي الدرس مادّاً قدميه إلى الأمام جاء رجل عليه أمارات الوقار والحشمة، فما كان من أبي حنيفة إلا أن طوى رجليه وتربع، فقال الرجل لأبي حنيفة، من دون سابق استئذان: يا أبا حنيفة، إني سائلك فأجبني، فشعر أبو حنيفة أنه أمام مسؤول رباني ذي علم واسع واطلاع عظيم، فقال له: تفضل واسأل، فقال: أجبني إن كنت عالماً يُتَّكل عليه في الفتوى، متى يفطر الصائم؟ ظن أبو حنيفة أن السؤال فيه مكيدة معينة أو نكتة عميقة لا يدركها علم أبي حنيفة. فأجابه على حذر: يفطر إذا غربت الشمس، فقال الرجل بعد إجابة أبي حنيفة، ووجهه ينطق بالجدِّ والحزم والعجلة: وإذا لم تغرب شمس ذلك اليوم، يا أبا حنيفة، فمتى يُفطر الصائم؟ أجاب الإمام بقولته الشهيرة: آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه.
وترى نفسك في موضع الإمام أكثر، عندما ترى ما يبدو على الشاشات، وفي المقاهي والشوارع والطرقات من مجتمع يتحدث فيه الكثير في السياسة كأنهم خبراء ومحللين واستراتجيين، وتفتح الشاشات لترى مسمى جديداً لضيوف البرامج منه: نشطاء وثوريين وغيره من فقهاء ومفسرين، وهم، في الحقيقة، ومن حديثهم لم تتعدّ قراءتهم فهارس بعض الكتب، وتبكي كمدا عندما تقف أمام طبيب يجهل القيم والمبادئ، أو أمام مهندس يغش في مهنته ويجهل الحلال والحرام، أو معلم يصيح هاتفه بغناء تافه، وترى محاسب يلعب بالأرقام ليسرق من ائتمنه، وأن تقف أمام محامي يدافع عن الظالم والجاني وهو يعلم، فإنك حينها أمام مجتمع اختلت فيه المعاني، وأصبح بعضهم من المتعلمين فيه أجهل الجهلاء.
المصدر : http://www.alaraby.co.uk/opinion/2016/4/14/%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D9%84-1
مواضيع مماثلة
للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل
يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى